مميزة

المنتدى الحواري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمناقشة الابحاث والحوار مع كاتب المدونة وطرح تساؤلاتكم

يمكنكم الانضمام إلى المنتدى الحواري من خلال الرابط أدناه

http://ezzman.com

فديو يشرح طريقة التسجيل في المنتدى

أو يمكن اتباع طريقة التسجيل كما في الصورة

Untitled-2022

الإيمان بوجود الجن في الكتاب والسنة

الإيمان بوجود الجن في الكتاب والسنة


الباحث الشرعي: بهاء الدين شلبي.



التصديق بوجود الجن من الإيمان بالغيب:

إن الإيمان بالغيبيات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم يهدي إلى تقوى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿الۤمۤ * ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡكِتَـٰبُ لَا رَیۡبَۛ فِیهِۛ هُدًى لِّلۡمُتَّقِینَ * ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ﴾ [البقرة: 1؛ 3]. فأمرنا الله عز وجل بالإيمان بما أخبرنا به في القرآن الكريم، خاصة الغيبيات، ومن يكفر بشيء منها، أو شك في وجدها، فقد ضل وحاد عن الحق، فقال تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِی نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدًا﴾ [النساء: 136].

وعالم الجن من الغيبيات لأنهم يرونا من جانب لا نراهم منه، لقوله تعالى: ﴿إِنَّهُۥ یَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِیلُهُۥ مِنۡ حَیۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ﴾ [الأعراف: 27]، فيمكن أن يراهم البعض من جوانب أخرى في صورتهم الجنية، أو متجسدين في صورة بشر أو حيوانات، أو متمثلين يقظة ومناما، وهذا سنذكر عليه أدلته في موضعه. لذلك وجب أن نؤمن بوجود الجن وإن لم ندرك وجودهم حسيا، فمن أنكر وجودهم فقد ضل وكفر بما أنزل في كتاب الله تعالى. حيث ورد ذكر الجن والإشارة إليهم بألفاظ صريحة تشير إليهم، وقد تكرر كل منها بأعداد مختلفة، في مواضع متعددة من القرآن الكريم، وفي العديد من السور، وأهمها السورة الثانية والسبعون من ترتيب المصحف الشريف باسم [سورة الجن]. [1] هذا فضلا عما ورد في السنن من أحاديث صحيحة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تثبت وجود الجن وتعرفنا ببعض خصائص خلقهم وقدراتهم، وتفصل كثيرا مما ورد في كتاب الله تعالى عنهم، كما تؤكد على تواصل النبي صلى الله عليه وسلم بالجن المسلم في لقاءات متعددة له معهم.

الجن منهم مسلمين وكافرين وشياطين:
خلق الله عز وجل الجن والإنس ليعبدوه، فالجن عباد عقلاء مكلفون فقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]. فإبليس وهو من الجن أمر بالسجود لآدم، وهذا يثبت أن الجن عقلاء مكلفون، قال تعالى: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦۤۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّیَّتَهُۥۤ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِی وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِینَ بَدَلًا﴾ [الكهف: 50]. فالجن أمم كما الإنس، ومن كفر منهم أدخله النار، قال تعالى: ﴿قَالَ ٱدۡخُلُوا۟ فِیۤ أُمَمٍ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِی ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٌ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُوا۟ فِیهَا جَمِیعًا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابًا ضِعۡفًا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعۡفٌ وَلَـٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 38]

فالجن منهم المسلمون، ومنهم الكافرون، ومنهم الشياطين، قال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَ ٰ⁠لِكَۖ كُنَّا طَرَاۤىِٕقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّاۤ أَن لَّن نُّعۡجِزَ ٱللَّهَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَن نُّعۡجِزَهُۥ هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسًا وَلَا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ تَحَرَّوۡا۟ رَشَدًا * وَأَمَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَ فَكَانُوا۟ لِجَهَنَّمَ حَطَبًا * وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِیقَةِ لَأَسۡقَیۡنَـٰهُم مَّاۤءً غَدَقًا * لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَمَن یُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ یَسۡلُكۡهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: 11؛ 17].

والجن لما سمعت القرآن أمنوا به، ورجعوا إلى قومهم ينذرونهم قال تعالى: ﴿وَإِذۡ صَرَفۡنَاۤ إِلَیۡكَ نَفَرًا مِّنَ ٱلۡجِنِّ یَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤا۟ أَنصِتُوا۟ۖ فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوۡا۟ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِینَ﴾ [الأحقاف: 29].

وكان الجن المسلم تحت قيادة سليمان عليه السلام، قال تعالي: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ﴾ [النمل: 17]. قوله (مِنَ ٱلۡجِنِّ) لفظ عام يشمل المسلمين والشياطين والكافرين من الجن، ولكن قوله بعدها (فَهُمۡ یُوزَعُونَ) أي يأتونه طواعية، طاعة لأمر الله تعالى، فخرج اللفظ عن عمومه وصار مقيدا بمن يأتونه طواعية طاعة لأمر الله تعالى فيراد به أن جنوده كانوا من الجن المسلمين. وقد تكرر لفظ يوزعون بمعنى طواعية مرتين خلاف هذا الموضع: قال تعالى: ﴿وَیَوۡمَ نَحۡشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوۡجًا مِّمَّن یُكَذِّبُ بِـَٔایَـٰتِنَا فَهُمۡ یُوزَعُونَ﴾ [النمل: 83]، قال تعالى: ﴿وَیَوۡمَ یُحۡشَرُ أَعۡدَاۤءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ﴾ [فصلت: 19] والطاعة لا تكون إلا من الجن المسلم، لأن الشياطين كانوا مسخرين له يعملون بأمره مكرهين، وهذا خوفا من العذاب والتصفيد، وليس طاعة لله عز وجل، لقوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [سبأ: 12]. فالشياطين سخرت له يعملون مكرهين بأمره في الأعمال الشاقة المضنية، بينما الجن المسلمين كانوا جنودا له، يجاهدون معه طواعية ابتغاء وجه الله تعالى. فكانوا يسارعون لنصرته لإقامة الدين، كما تسابقوا للإتيان بعرش ملكة سبأ قال تعالى: ﴿قَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ أَیُّكُمۡ یَأۡتِینِی بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن یَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ * قَالَ عِفۡرِیتٌ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّی عَلَیۡهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ * قَالَ ٱلَّذِی عِندَهُۥ عِلۡمٌ مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِیۤ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِيٌّ كَرِیمٌ﴾ [النمل: 38؛ 40].

من المستبعد تماما؛ أن يوالي سليمان عليه السلام الشياطين، فيتخذهم أولياء وجنودا له من دون المسلمين، لقوله تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ أَتُرِیدُونَ أَن تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ عَلَیۡكُمۡ سُلۡطَـٰنًا مُّبِینًا﴾ [النساء: 144]، وقد أمر الله باتخاذ المؤمنين أولياء، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِیُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَ ٰ⁠كِعُونَ﴾ [المائدة: 55]، وعليه فمن يتخذ الشياطين جنودا له فقد اتخذهم أولياء وهذا يخالف قوله تعالى: ﴿وَمَن یَتَّخِذِ ٱلشَّیۡطَـٰنَ وَلِيًّا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانًا مُّبِینًا﴾ [النساء: 119]. فدخول الشياطين والكافرين والمنافقين في صفوف الجنود المسلمين لا يؤمن سوء عواقبه، قال تعالى: ﴿لَوۡ خَرَجُوا۟ فِیكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوۡضَعُوا۟ خِلَـٰلَكُمۡ یَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِیكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [التوبة: 47].

الجن المسلمين: الجن المسلم منهم الصالحون المتبعون لأمر الله تعالى، فقال تعالى: ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسًا وَلَا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ تَحَرَّوۡا۟ رَشَدًا﴾[الجن: 13؛ 14].

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ بالمدينةِ جِنًّا قد أسلَموا فإنْ رأَيْتُم منها شيئًا فآذِنوه ثلاثةَ أيَّامٍ فإنْ بدا لكم بعدَ ذلك فاقتُلوه فإنَّما هو شيطانٌ). [2]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود (إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) [الإسراء: 57]، قَالَ: “كَانَ نَاسٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِدِينِهِمْ”. زَادَ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) [الإسراء: 56]. [3]

الجن الكافرين: وكما أن الجن المسلم منهم صالحون على الهدى، فمنهم منحرفون ضالون، فهم طرق ومذاهب ضالة، قال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَ ٰ⁠لِكَۖ كُنَّا طَرَاۤىِٕقَ قِدَدًا) [الجن: 11]. ففيهم فرق ومذاهب ضالة، كالشيعة، والخوارج، والمعطلة، والمرجئة وغيرهم، وهؤلاء مصيرهم إلى جهنم إن لم يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم، وإلا فإنهم مع أهل الملل الضالة ممن كفروا من أهل الكتاب كاليهود والصليبيين، وجميع من على شاكلتهم ممن حادوا عن الإسلام والتوحيد كالمجوس، والسيخ، والهندوس وغيرهم، قال تعالى: (وَأَمَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَ فَكَانُوا۟ لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: 15].

شياطين الجن: كما أن منهم شياطين يحاربون الله ورسله كما هم شياطين الإنس تماما، فهم متحالفون معا على عداوة الأنبياء والمرسلين لقوله تعالى: (وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیَـٰطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحِی بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضً زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورًاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا یَفۡتَرُونَ) [الأنعام: 112]. وهذا ليس عن إنكار منهم لنبوتهم، وإنما حسدا من عند أنفسهم على استخلاف الله تعالى لهم في الأرض فجعلهم أنبياء قال تعالى: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِینًا * قَالَ أَرَءَیۡتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِی كَرَّمۡتَ عَلَیَّ لَىِٕنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّیَّتَهُۥۤ إِلَّا قَلِیلاً﴾ [الإسراء: 61، 62]، فالشياطين تؤمن بوجود الله عز وجل، وهذا بإقرار إبليس يوم بدر، قال تعالى: ﴿وَإِذۡ زَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡیَوۡمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّی جَارٌ لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَاۤءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ وَقَالَ إِنِّی بَرِیۤءٌ مِّنكُمۡ إِنِّیۤ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال: 48]، ومع هذا يعادون الله تعالى ويعادون أولياءه بمشاركة أولياءهم من شياطين الإنس.

يـتـبـع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تعقيب: ورد ذكر الجن والإشارة إليهم بألفاظ صريحة تشير إليهم؛ [الجن – الجان – جان – الجِنَّة – قرين – قرناء – شيطان – الشيطان – شياطين – الشياطين – عفريت – مارد – مريد – مريدًا – الوسواس – الخنَّاس – إبليس]. حيث ورد لفظ [الجن] معرفة ٢٢ مرة، في ٢٢ آية. و[الجِنَّة] خمس مرات. و[الجان] مرتين، ولفظ [جان] نكرة مرتين ولفظ [شيطان] نكرة في ست آيات، منها [شيطانا] في آيتين، وبلفظ [شياطينهم] مرة واحدة. ومعرفة [الشيطان] ٦٢ مرة، في ٥٥ آية، وبصيغة الجمع [الشياطين] ١٥ مرة، في ١٤ آية، وبلفظ [شياطينهم] مرة واحدة. ولفظ [إبليس] اسم ١١ مرة. و[عفريت] مرة واحدة. [مارد] مرة واحدة. و[مريد] مرة واحدة، و[مريدا] مرة واحدة. وردت كلمة [قرين] ٧ مرات في ست آيات، منها [قرينا] مرتين. وبالجمع [قرناء] مرة واحدة. وردت كلمة [الخناس] صفة مرة واحدة.

[2] دخَلْتُ على أبي سعيدٍ الخُدريِّ في بيتِه قال: فوجَدْتُه يُصلِّي فجلَسْتُ أنتظِرُه حتَّى قضى صلاتَه فسمِعْتُ تحريكًا تحتَ السَّريرِ في بيتِه فإذا حيَّةٌ فقُمْتُ لِأقتُلَها فأشار إليَّ أنِ اجلِسْ فلمَّا انصرَف أشار إلى بيتٍ في الدَّارِ وقال: ترى هذا البيتَ ؟ قال: فقُلْتُ: نَعم قال: إنَّه كان فيه فتًى منَّا حديثُ عهدٍ بعُرْسٍ فخرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الخندقِ فكان ذلك الفتى يستأذِنُه بأنصافِ النَّهارِ ويرجِعُ إلى أهلِه قال: فاستأذَن النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا فقال له: (خُذْ سلاحَك فإنِّي أخشى عليك) فأخَذ سلاحَه ثمَّ ذهَب فإذا هو بامرأتِه بيْنَ البابَيْنِ فهيَّأ لها الرُّمحَ لِيطعَنَها به وأصابَتْه الغَيرةُ فقالت: اكفُفْ عنك رمحَك حتَّى ترى ما في بيتِك فدخَل فإذا حيَّةٌ عظيمةٌ منطويةٌ على فراشِه فأهوى إليها فانتظَمها فيه ثمَّ خرَج به فركَزه في الدَّارِ فاضطرَبتِ الحيَّةُ في رأسِ الرُّمحِ وخرَّ الفتى صريعًا فما يُدرى أيُّهما كان أسرَعَ موتًا الفتى أم الحيَّةُ قال: فجِئْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَرْنا ذلك له وقُلْنا: ادعُ اللهَ أنْ يُحييَه فقال: (استغفِروا لصاحبِكم) ثمَّ قال: (إنَّ بالمدينةِ جِنًّا قد أسلَموا فإنْ رأَيْتُم منها شيئًا فآذِنوه ثلاثةَ أيَّامٍ فإنْ بدا لكم بعدَ ذلك فاقتُلوه فإنَّما هو شيطانٌ).
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم : 5637 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

[3] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) [الإسراء: 57]، قَالَ: (كَانَ نَاسٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِدِينِهِمْ). زَادَ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) [الإسراء: 56].
الراوي : عبدالله بن سخبرة الأزدي أبو معمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 4714 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

العلم من الله عز وجل العليم

العلم من الله عز وجل العليم

الباحث الشرعي: بهاء الدين شلبي.

الله تعالى العليم وبعلمه يهتدي الإنسان:
إن علم جميع الخلائق مصدره من علم الله العليم، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَاۤ أَنَا۠ نَذِیرٌ مُّبِینٌ﴾ [الملك: 26]. حيث ورد اسم الله [العليم] ٣٢ مرة في كتاب الله تعالى. فالله عز وجل خلق الخلائق، وفق سنن كونية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَسِعَ كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًا﴾ [طه: 98]، وهذه السنن جمعت كل العلوم، ما علمنا منها، وما جهلنا، فهو المستحق وحده للعبادة باسمه العليم. ثم الله تبارك وتعالى يؤتي من علمه من يشاء، وبالقدر الذي يشاء، قال تعالى: ﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلًا﴾ [الإسراء: 85]. قال صلى الله عليه وسلم عن موسى والخضر عليهما السلام “… ووَقَعَ عُصْفُورٌ علَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ في البَحْرِ، فَقالَ الخَضِرُ لِمُوسَى: ما عِلْمُكَ وعِلْمِي وعِلْمُ الخَلَائِقِ في عِلْمِ اللَّهِ إلَّا مِقْدَارُ ما غَمَسَ هذا العُصْفُورُ مِنْقَارَهُ …“. [1] يرفع الله بالعلم درجة العبد في الدنيا؛ فيوفقه بعلمه إلى العمل الصالح، أي العمل الموافق لشرع الله تعالى، وفي الآخرة فيدخله جنته، كما رفع الله يوسف على إخوته بعد أن نزغ الشيطان بينهم، فكاد بهم بوحي الله تعالى، ليأخذ أخاه معه في ملأ الملك وحاشيته، قال تعالى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوۡعِیَتِهِمۡ قَبۡلَ وِعَاۤءِ أَخِیهِ ثُمَّ ٱسۡتَخۡرَجَهَا مِن وِعَاۤءِ أَخِیهِۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ كِدۡنَا لِیُوسُفَۖ مَا كَانَ لِیَأۡخُذَ أَخَاهُ فِی دِینِ ٱلۡمَلِكِ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاۤءُۗ وَفَوۡقَ كُلِّ ذِی عِلۡمٍ عَلِیمٍ﴾ [يوسف: 76].

وبتواضع العالم مع عباد الله، حتى أنه يفسح لهم في المجالس، فإن الله يفسح له في علمه، ليرفع به درجته، قال تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قِیلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُوا۟ فِی ٱلۡمَجَـٰلِسِ فَٱفۡسَحُوا۟ یَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِیلَ ٱنشُزُوا۟ فَٱنشُزُوا۟ یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرٌ﴾ [المجادلة: 11]. فالعالم يتواضع لله تعالى الذي علمه، فلا يترفع على الناس بعلمه فيعتزل مجالسهم، ولا يزاحمهم بعلمه في مجالسهم ليتسيد عليهم.

كمثل طالوت في تواضعه؛ فقد زادة الله بسطة في العلم والجسم، ومع هذا لم يلتفت إليه قومه، ولم يلقوا له بالا، بل رأوه أقلهم شأنا ومالا، وأنهم أحق بالملك منه، حتى رفع الله درجته بتواضعه، فجعله ملكا عليهم، قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمۡ نَبِیُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكًاۚ قَالُوۤا۟ أَنَّىٰ یَكُونُ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ عَلَیۡنَا وَنَحۡنُ أَحَقُّ بِٱلۡمُلۡكِ مِنۡهُ وَلَمۡ یُؤۡتَ سَعَةً مِّنَ ٱلۡمَالِۚ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَیۡكُمۡ وَزَادَهُۥ بَسۡطَةً فِی ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِۖ وَٱللَّهُ یُؤۡتِی مُلۡكَهُۥ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰ⁠سِعٌ عَلِیمٌ﴾ [البقرة: 247].

علَّم الله عز وجل من علمه الخلائق بإلهام منه ووحيه، فعلَّم آدم مالم تعلمه الملائكة، فقال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [البقرة: 31]. وهذا ما أقرت به الملائكة، قال تعالى: ﴿قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَاۤ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ [البقرة: 32]. وما اجتهاد الإنسان في تحصيل العلم بالبحث والدراسة إلا مجرد أخذ بالأسباب، والتي قدرها الله عز وجل له ليكتسب بها العلم، فالإنسان وما يعمله من خلق الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [الصافات: 96].

جميع المخلوقات بغير استثناء عاقلة، حتى الجمادات منها، ولولا ذلك ما أدركت بالفطرة أن ربها الله عز وجل فسبحته، وجهلنا بألسنتها لا ينفي ما أعلمنا به ربنا من تسبيحها، قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: 44]. بدليل أن الدواب قادرة على التعلم، واكتساب الخبرات فتميز ما ينفعها مما يضرها. وبعضها يكيد ويمكر ليصطاد كالذئب، والغراب، والحيتان في البحر. فرغم أن الدواب مخلوقات غير مكلفة، ولكن علمها ربها وحيا وإلهاما كما أوحى للنحل، فقال تعالى: ﴿وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِی مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُیُوتًا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا یَعۡرِشُونَ * ثُمَّ كُلِی مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ فَٱسۡلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًاۚ یَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰ⁠نُهُۥ فِیهِ شِفَاۤءٌ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَتٍ لِّقَوۡمٍ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 68، 69]. ولا يزال الإنسان حتى يومنا هذا يتعلم من النحل علوما يجهلها، وفوائد لم يصل الإنسان لمنتهاها بعد، مما أوحى به الله عز وجل للنحل، رغم أنها مخلوقات ضعيفة، وغير مكلفة.

لذلك الكافر غافل عن آيات ربه عز وجل، فهو أضل من الأنعام المسبحة بحمد ربها، فهو لا يعمل عقله في آيات الله تعالى في الكون، ولا ينتفع مما علمه ربه بالوحي إلى الأنبياء، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِیرًا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٌ لَّا یَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡیُنٌ لَّا یُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٌ لَّا یَسۡمَعُونَ بِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِلُونَ﴾ [الأعراف: 179]. فالإنسان لن ينتفع بالوحي المنزل إلا بطلب العلم الشرعي والتعلم، لتصحيح عقيدته وعمله.

العلم آية وحجة على الناس امتحانا لهم:
إن القدرة على ابتكار الجديد، والإبداع لا يأتيان بحول الإنسان وقوته، ولا باجتهاد منه، وإنما بإلهام أو وحي من الله عز وجل، فلا يهتدي إلى معلومة جديدة إلا بإلهام منه، سواء كان هذا المبتكر مؤمنا أو كافرا. فيحاول ويجرب مئات المرات، ويفشل في كل مرة، وهذا دليل يثبت إفلاسه، وفجأة تخطر بباله الفكرة بإلهام من الله عز وجل، وهذه حجة على العقلاء والمبدعين، ولو كان العلم بحولهم وقوتهم لاهتدوا من أول مرة. وبهذا يستدل العالم على وجود الله تعالى، وبذلك تتحقق الخشية من الله عز وجل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ﴾ [فاطر: 28]، فالعلم يدعو الكافر للإيمان، والمؤمن ليمتحن فيما علمه الله تعالى، أيعمل مزيدا من العبادات ما يشكر به ربه، أم يكفر، كما كفر قارون، اغتر بعلمه، فنسب الفضل في أمواله لعلمه، ولم ينسبه لله عز وجل، قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَاۤ أُوتِیتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِیۤۚ أَوَلَمۡ یَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَهۡلَكَ مِن قَبۡلِهِۦ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مَنۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُ قُوَّةً وَأَكۡثَرُ جَمۡعًاۚ وَلَا یُسۡـَٔلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ﴾ [القصص: 78].

وليس شرطا أن يكون الإنسان عالما، ولكن قد يكون طالب علم، فينتفع بعلم غيره، كما انتفع سليمان عليه السلام بعلم الذي عنده علم من الكتاب، فيكون هذا حجة عليه، فوجب عليه أن يشكر ربه عز وجل، قال تعالى: ﴿قَالَ ٱلَّذِی عِندَهُۥ عِلۡمٌ مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِیۤ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِيٌّ كَرِیمٌ﴾ [النمل: 40]. فآل داوود مؤمنون يعبدون الله ويقيومن الدين، ومع هذا أمرهم بمزيد من العبادة شكرا له على ما أنعم به عليهم من علم وفضل، قال تعالى: ﴿ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرًاۚ وَقَلِیلٌ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يشكر الله بمزيد من النوافل على ما علمه من علم وتفضضضل عليه من مغفرة حتى قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فقِيلَ له: غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ، قالَ: (أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا). [2]

فالإنسان يولد لا يعلم شيئا، ثم تدفعه فطرته للتعلم واستكشاف المجهول فلا صبر للإنسان على الجهل، خاصة إن كان ممن يعقلون، أي ممن يعملون عقولهم، كما في قصة موسى والخضر عليهما السلام، فلم يستطع موسى صبرا على الجهل، قال تعالى: ﴿قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰۤ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدًا * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِیعَ مَعِیَ صَبۡرًا * وَكَیۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرًا * قَالَ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ صَابِرًا وَلَاۤ أَعۡصِی لَكَ أَمۡرًا * قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِی فَلَا تَسۡـَٔلۡنِی عَن شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرًا﴾ [الكهف: 66؛ 70]. فمن يعمل عقله يستفيد من قدراته التي أودعها الله عز وجل فيه على اكتساب المهارات، وفي بعض الحالات إذا بلغ أرذل العمر يبدأ تدريجا في فقد ما تعلمه، ونسيان ما اكتسبه من علم وخبرات، وتضعف قدرته على تخزين المعلومات، وعلى استدعاءها من الذاكرة قال تعالى: ﴿وَمِنكُم مَّن یُرَدُّ إِلَىٰۤ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَیۡلَا یَعۡلَمَ مِنۢ بَعۡدِ عِلۡمٍ شَیۡـࣰٔاۚ﴾ [الحج: 5]، فالنعم إن لم يحفظها الله لنا فهي إلى زوال.

نعمة العقل وإعمال العقول:
جميع البشر متساوون في قدراتهم العقلية، فلا يوجد إنسان خلق ذكيا، وآخر خلق غبيا، فلم يعدنا رب العالمين أن الأذكياء يدخلون الجنة، والأغبياء يدخلون النار. فالله عز وجل هو من يرزق العبد الفهم، كما في قوله تعالى: (فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ) من قوله تعالى: ﴿وَدَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ إِذۡ یَحۡكُمَانِ فِی ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِیهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَـٰهِدِینَ * فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡمًا وَعِلۡمًاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ یُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّیۡرَۚ وَكُنَّا فَـٰعِلِینَ﴾ [الأنبياء: 78، 79]. هذا إذا خلى قلب العبد من موانع الفهم، فإذا وجدت الموانع، وخلى القلب من التقوى تعذر الفهم، وحرم الإنسان العلم الموصل إلى المعرفة بالله رب العالمين، قال تعالى: ﴿وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٍ﴾ [البقرة: 282].

وإنما هناك إنسان لبيب وآخر بليد العقل، فاللبيب هو من يحسن إعمال عقله، فيصبح قادرا على التدبر والاستيعاب والاستنباط وهذا يسمونه إنسان ذكي. فالإنسان اللبيب متفتح العقل، لا أقفال على عقله تمنعه من العمل، فهو يتدبر، ويستخلص الفوائد قال تعالى: ﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ﴾ [محمد: 24].

أما بليد العقل، فتراه مغلق العقل، وشواغل القلب يتلهى بها تمنعه من العمل، فعقله مشغول بسفساف الأمور، فلا يجهد عقله فيها، فهذا يسمونه إنسان غبي، وهؤلاء هم شر الدواب عند الله قال تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ﴾ [الأنفال: 22]. وهذا مثله كمثل الحمار يحمل كتبا، لا يعمل عقله ليتدبر ما فيها، قال تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِینَ حُمِّلُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ یَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ یَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [الجمعة: 5].

في الحقيقة؛ ليس هناك إنسان خلق ذكي، وآخر غبي، وإنما الذكاء والغباء صفات مكتسبة، فجميع المكلفين متساوون في قدراتهم العقلية، عدا المجنون منهم. ولكن هناك إنسان يعمل عقله، وينمي قدراته على اكتساب الخبرات والمهارات والابتكار، فيزداد علما، وآخر بليد لا يعمل عقله فيزداد جهلا. والعلم النافع هو الذي يؤدي بالإنسان إلى مزيد من الإيمان، قال تعالى: ﴿أَمَّنۡ هُوَ قَـٰنِتٌ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ سَاجِدًا وَقَاۤىِٕمًا یَحۡذَرُ ٱلۡـَٔاخِرَةَ وَیَرۡجُوا۟ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [الزمر: 9]. فالإنسان قادر على أن يزيد من علمه بالتعلم، قد يفشل في بداية الأمر، ولكن مع الإصرار وتكرار المحاولات سيوفقه الله عز وجل. فإذا فرغ قلبه تدريجيا من الانشغال بمشتتات الذهن، زاد تركيزه وصار قلبه معدا لاستقبال الإلهام من رب العالمين، وحينها سيتنبه لما لم يلفت له من قبل، وسيتعلم الجديد من الفوائد.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في طلب العلم، ومن سيرته نتعلم كيف كان مخلصا في التعلم، فكان جبريل عليه السلام معلما للنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿عَلَّمَهُۥ شَدِیدُ ٱلۡقُوَىٰ﴾ [النجم: 5]، وكان النبي يترقب نزوله ليتعلم منه القرآن ويقرأه عليه، قال تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦۤ * إِنَّ عَلَیۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ * فَإِذَا قَرَأۡنَـٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا بَیَانَهُۥ﴾ [القيامة: 16؛ 19]. وفي تفسير الآية ورد عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالَى: (لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بهِ) [القيامة: 16] قالَ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وكانَ ممَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ – فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: فأنا أُحَرِّكُهُما لَكُمْ كما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحَرِّكُهُما، وقالَ سَعِيدٌ: أنا أُحَرِّكُهُما كما رَأَيْتُ ابْنَ عبَّاسٍ يُحَرِّكُهُما، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ – فأنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى: (لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به إنَّ عليْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ) [القيامة: 17] قالَ: جَمْعُهُ لكَ في صَدْرِكَ وتَقْرَأَهُ: (فَإذا قَرَأْناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) [القيامة: 18] قالَ: فاسْتَمِعْ له وأَنْصِتْ: (ثُمَّ إنَّ عليْنا بَيانَهُ) [القيامة: 19] ثُمَّ إنَّ عليْنا أنْ تَقْرَأَهُ، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ذلكَ إذا أتاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمع فإذا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما قَرَأَهُ. [3] فكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على طلب العلم، ويبذل جهده لتحصيل العلم، فكان يحرك لسانه بالقرآن ليحفظ ما يتلقاه من الوحي.

وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في رمضان كل عام، وراجعه في العام الذي توفي فيه مرتين، فعن فاطمة عليها السلام أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالت: فأخْبَرَنِي (أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، وإنَّه عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فإنَّه نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ). [4] ومعنى (يُعَارِضُهُ القُرْآنَ) أي يدارسه القرآن، فعن عبدالله بن عباس قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. [5]

فالله عز وجل تكفل بأن يحفظ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بلسان عربي مبين عن ظهر قلب، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِیلُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ * عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِینٍ * وَإِنَّهُۥ لَفِی زُبُرِ ٱلۡأَوَّلِینَ﴾ [الشعراء: 192؛ 196]، وإن كانت الأمة لن تتعلم القرآن إلا أن نتعلم اللغة العربية أولا، وإلا فالعيش في غربة عن لغة القرآن سيجعل الإنسان معزولا عن فهم معاني القرآن، وقد يساء فهم معانيه. فالعرب قبل العجم ملزمون بإتقان اللغة العربية وعولمتها، وإن ترجمة معاني القرآن تضيق معاني النص الواحد، وتحصر تأويله في مفهوم واحد فقط، رغم أنه قد يحتمل تأويلات متعددة وكلها صحيح. فلا أحد يستطيع أن يدرك تأويل القرآن بالكامل، ولا أن يحصي معاني كل آية إلا الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ﴾ [آل عمران: 7].

لذلك يجب على علماء اللغة العربية تكثيف جهودهم لتعليم المسلمين اللغة العربية بشرحهم لمعاني القرآن الكريم، لتضييق الفجوة بين اللغة العربية الفصحى، وبين فهم الناس للقرآن الكريم بلهجاتهم العامية. لذلك نحن في حاجة لمدارس خاصة بتعليم اللغة العربية فقط، تستقدم البعوث الإسلامية من العجم من جميع أنحاء العالم لتعليمهم اللغة العربية، وإعداد المسكن اللائق وتجهيزه لهم، وهذا على نفقة الأوقاف الإسلامية، فضلا عن إرسال معلمين إلى العجم لتعليمهم اللغة العربية. بشرط أن لا يقل المؤهل العلمي للمعلم عن درجة دكتوراه في اللغة العربية فما فوق، وفي هذه الحالة من المتوقع أن نشهد بداية نهضة للغة العربية على مستوى العالم، في غضون خمس سنوات، تعادل فترة إعداد الطالب، بهدف أن يتمكنوا من فهم القرآن الكريم وتدبره باللغة التي أنزل بها، فلا يعتمدوا في فهمهم له على ترجمات معاني القرآن الكريم، فأي ترجمة مهما كانت متقنة فهي قاصرة، وبالتالي يتم التخلص من التفسيرات الباطلة، والمعتقدات الضالة، بدون سيطرة على العقول. فأزمتنا الحالية هي عجمة اللسان، وليست أزمة فهم وتدبر وإعمال، فالكل يعمل عقله ولكن بلسان عربي شابه العجمة، وفرقته اللهجات العامية، فلو فصحت الألسن، لاستبانت العقول المعاني. لذلك سأل موسى عليه السلام ربه أن يرسل معه أخاه هارون لأنه أفصح منه وأبين، قال تعالى: ﴿وَأَخِی هَـٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّی لِسَانًا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِیَ رِدۡءًا یُصَدِّقُنِیۤۖ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: 34].

التخصص في طلب العلم والرسوخ فيه:
اختص الله عز وجل يوسف عليه السلام بعلم تأويل وتعبير الرؤى، وهذا ما أدركه يعقوب عليه السلام من رؤيا يوسف وهو لا يزال غلام صغير، قال تعالى: ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ یَجۡتَبِیكَ رَبُّكَ وَیُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِ﴾ [يوسف: 6] فعلم من رؤياه أنه سيصبح عالما بتأويل الرؤى. فتحري قدر الله عز وجل من خلال الرؤيا الصادقة، والرضى بالقدر مطلب إيماني، مما يساعد على استكشاف مواهب الإنسان منذ نشأته الأولى، وهذا مما يعين على توجيه قدراته، وتنميتها بتهيئة الظروف المناسبة لطلب العلم، وإعانته على التعلم بلزوم التقوى لقوله تبارك وتعالى: ﴿وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٍ﴾ [البقرة: 282]. فالتخصص في طلب العلم مطلب يتحقق به إتقان العلم، فمن يشتت قدراته العقلية في تحصيل العلم سيكتسب الكثير من المعارف، ويكون إنسان واسع الثقافة، لكنه لن يكون صاحب تخصص متقن لما تعلمه، ولن يكون من الراسخين في العلم، قال تعالى: ﴿وَٱلرَّ ٰ⁠سِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ یَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [آل عمران: 7]، ولا من أولي الألباب الذين يحسنون إعمال عقولهم في تخصصهم، الذين يرجع إليهم في تخصصهم، قال تعالى: ﴿فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].

فنسب يوسف عليه السلام ما تعلمه إلى الله تعالى، فلما عبر الرؤيا للسجينين قال من قوله تعالى: ﴿ذَ ٰ⁠لِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِی رَبِّیۤۚ﴾ [يوسف: 37]، فالله عز وجل هو من علمه، وهو صاحب الفضل عليه، وعلى كل صاحب علم من الخلائق. وهذا يلزم منه أن يوسف عليه السلام كان طالب يتعلم من ربه تبارك وتعالى، فيتحلى بأخلاق طالب العلم ليزده الله تعالى من علمه، قال تعالى: ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ مَكَّنَّا لِیُوسُفَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ﴾ [يوسف: 21]. ففي ختام قصة يوسف عليه السلام نسب ما اكتسبه من علم إلى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿رَبِّ قَدۡ ءَاتَیۡتَنِی مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِی مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِیِّۦ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ تَوَفَّنِی مُسۡلِمًا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [يوسف: 101].

العلم وموانع تحقق الفهم:
أن يعمل الإنسان عقله فيتفكر ويتدبر، فهذا ما يميز العاقل من المجنون. والفارق بين المكلف من الدواب، وغير المكلف؛ أن المكلف يعقل ما يسمع ويراه، ﴿وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ * وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِیهِمۡ خَیۡرًا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ﴾ [الأنفال: 21، 23]. أما البهائم من الدواب فتعقل بالفطرة، ومن تجربتها في الحياة، ومما يعلمها الإنسان ويدربها عليه لقوله تعالى: (وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ)، وهذا من قوله تعالى: ﴿یَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَاۤ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتُ وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ فَكُلُوا۟ مِمَّاۤ أَمۡسَكۡنَ عَلَیۡكُمۡ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهِۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [المائدة: 4]، أي أحل لكم صيد (مَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ) وفي (لسان العرب): “والجوارح من الطير والسباع والكلاب: ذوات الصيد لأنها تجرح لأهلها أي تكسب لهم، الواحدة جارحة؛ فالبازي جارحة، والكلب الضاري جارحة”. والجوارح تصنف من اللاحمات Carnivore التي تعيش على الصيد. والجوارح من الطير؛ كالصقر، والباز، والشاهين. وقوله (مُكَلِّبِینَ) أي معلمين الجوارح من الطير والكلاب، ومن أشهر كلاب الصيد (السلوقي Saluki) موطنه جزيرة العرب، و[المُكَلِّب] هو معلم الكلاب الصيد ومؤدبها، ويطلق على مدربي الدواب، لأن الصيد بالكلاب هو الغالب.

وبإعمال العقل بشكل سوي يتحقق الفهم السليم الذي يؤدي للعلم الحق، الذي ينفي الجهل، قال تعالى: قال تعالى: ﴿أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٌ یَعۡقِلُونَ بِهَاۤ أَوۡ ءَاذَانٌ یَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِی فِی ٱلصُّدُورِ﴾: [الحج: 46]، وإلا فإن طرق التفكير المعوجة، وغير السوية تفضي إلى الجهل والجاهلية، وإلى المعرفة الزائفة والضلال. والمانع من الفهم السليم ليس قصور في وظائف العقل، فجميع المكلفين متساوون في قدراتهم العقلية، وإنما هناك موانع تحول دون إعمال العقل بشكل سليم، فلا يتحقق الفهم حتى ترتفع الموانع عن القلب التي تمنعه من الفهم والتدبر، قال تعالى: ﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ﴾ [محمد: 24]. وهذه الأقفال على القلوب هي المانع من التفكير السوي الذي يفضي بأصحابه إلى التكذيب بالحق، والذين قال الله تعالى عنهم: ﴿إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ءَایَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ * كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]. وسبب التكذيب هو ما علق بقلوب المكذبين من (رَانَ) وهي الخطايا، فلم يتوبوا منها، صارت كالأقفال على قلوبهم، فحالت بينها وبين التفكير السوي، حتى يتوبوا عنها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العبدَ إذا أخطأ خطيئةً نُكِت في قلبِه نُكتةٌ فإنْ هو نزَع واستغفَر وتاب صُقِلت فإنْ عاد زِيدَ فيها وإنْ عاد زِيدَ فيها حتَّى تعلوَ فيه فهو الرَّانُ الَّذي ذكَر اللهُ جلَّ وعلا: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)). [6] وفي (لسان العرب): “والنُّكْتة أَيضاً: شِبْه وسَخٍ فِي المِرْآة، ونُقْطَةٌ سوداءُ فِي شَيْءٍ صافٍ”. ا. هـ فأمر الذنوب لا يستهان به، فإن كان سببا في إغلاق القلوب، فقد يتسبب الذنب في موت القلب، فكثرة الضحك تميت القلب، لما ذكره أبو ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه فقال: (وإياك وكثرةَ الضَّحِكِ، فإنه يميتُ القلبَ، ويذهبُ بنور الوجهِ). [7] ويزداد الإثم خاصة إن كان الضحك سخرية من الحق وأهله، لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِی۟هِۦ فَقَالَ إِنِّی رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * فَلَمَّا جَاۤءَهُم بِـَٔایَـٰتِنَاۤ إِذَا هُم مِّنۡهَا یَضۡحَكُونَ﴾ [الزخرف: 46، 47]، ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ أَجۡرَمُوا۟ كَانُوا۟ مِنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یَضۡحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا۟ بِهِمۡ یَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِمُ ٱنقَلَبُوا۟ فَكِهِینَ﴾ [المطففين: 29؛ 31].

وسبب وجود تلك الأقفال هو قرائن المعاصي، فيقيض للعاصي بكل معصية عصاها شيطان مختص بها، يزين له معصيته فيتعلق قلبه بها، وهذا التعلق يحرمه الفهم الصحيح، قال تعالى: ﴿وَمَن یَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ نُقَیِّضۡ لَهُۥ شَیۡطَـٰنًا فَهُوَ لَهُۥ قَرِینٌ * وَإِنَّهُمۡ لَیَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ * حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَنَا قَالَ یَـٰلَیۡتَ بَیۡنِی وَبَیۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَیۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِینُ﴾ [الزخرف: 36؛ 38]. فإذا استغفر العبد وتاب انصرفت تلك الشياطين عن قلبه، قال تعالى: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِۚ إِنَّ رَبِّی رَحِیمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: 90]، فالتوبة من الذنوب، وكثرة الاستغفار من مفاتيح الفهم لطالب العلم، خاصة العلم بالله رب العالمين الذي تتحقق به الخشية والإيمان، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ﴾ [فاطر: 28]. فإما أن يرفع الله تبارك وتعالى الموانع أو يبقيها، فإذا أراد الإنسان الفهم، واجتهد في رفع الموانع عن نفسه بالتوبة والاستغفار رفعها الله عنه بحوله وقوته. وإن تعلق قلب الإنسان بتلك الموانع، وأصر على بقاءها، استعصى عليه الفهم، فيرى الحق باطلا، فهذا أعمى القلب لا يميز، وإما أن يرزقه الله الفهم فيميز الحق من الباطل فيؤمن به، وإما يعلمه فينكره وهو مستكبر عنه، فلا يستكبر عن اتباع الحق إلا من علم الحق واستيقن به فرفضه، قال تعالى: ﴿إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰههٌ وَ ٰ⁠حِدٌ فَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [النحل: 22]. فهناك كثير من البشر على غير ملة الإسلام تتوق قلوبهم للحق، ولكن لم يقدر لهم العلم بالحق بعد، وخير أمة أخرجت للناس فضلها الله عز وجل بالعلم الحق، وعليهم أن يبلغوه للناس وأن يصبروا، يُعْلِمُونَهُم فلا يكرهونهم، أما التعليم فبعد أن يسلموا.

الإلهام الذي من الله تعالى، يخالف ما هو من الشيطان، ومن النفس:
أما الإلهام الذي هو من الله عز وجل؛ فهو الوحي المنزل على الأنبياء والمرسلين من كتب وتشريعات وعبادات، قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ﴾ [الشورى: 13]. فالدين قد واكتمل وتم، فلا يزاد فيه ولا ينتقص، قال تعالى: ﴿ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینًاۚ﴾ [المائدة: 3]. والنبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين فلا نبي يوحى إليه بعده إلى قيام الساعة، قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَاۤ أَحَدٌ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمًا﴾ [الأحزاب: 40].

أما أن يدعي أحد أنه ملهم من ربه، فيأتي بجديد مما اختص الله به الأنبياء والمرسلين من تشريع فيزيد عليه، أو ينقص منه؛ فقد ابتدع في الدين وأحدث، وجاء بضلالة، حتى وإن رآه حسنا، فهذا من تزيين الشيطان، قال تعالى: ﴿أَفَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنًاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَیۡهِمۡ حَسَرَ ٰ⁠تٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ﴾ [فاطر: 8]، فالحسن ما أمر به الشرع من الدين، والقبيح ما تركه الشرع فلم يأمر به من الدين، حتى وإن رآه الإنسان حسنا. فالعبادة لا تصح وتحسن إلا باتباع الوحي المنزل، لا بالابتداع، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِیمٌ﴾ [آل عمران: 31]. وإلا صار الدين هدفا لكل مغرض وشيطان من شياطين الإنس والجن.

ومنه ما هو إلهام باتباع ما نزل من الوحي على المرسلين، فهذا لعامة المسلمين وخاصتهم. وقد يكون إلهام يقع في القلب، أو لمة ملك، وما كان خلاف هذذا فهو من الشييطان أو لنفس، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ وللملَك لمَّةً فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ فإيعادٌ بالشَّرِّ وتَكذيبٌ بالحقِّ وأمَّا لمَّةُ الملَك فإيعادٌ بالخيرِ وتصديقٌ بالحقِّ فمن وجدَ ذلِك فليعلم أنَّهُ منَ اللهِ فليحمدِ اللَّهَ ومن وجدَ الأخرى فليتعوَّذ باللَّهِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ) ثمَّ قرأ (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) الآيةَ. [8]

وقال صلى الله عليه وسلم: (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِراطًا مُستَقيمًا، وعلى جَنبَتَيِ الصِّراطِ سُورانِ فيهما أبوابٌ مُفَتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتورٌ مُرخاةٌ، وعلى بابِ الصِّراطِ داعٍ يَقولُ: يا أيُّها الناسُ، ادخُلوا الصِّراطَ جَميعًا ولا تَعوجوا، وداعٍ يَدعو مِن فَوقِ الصِّراطِ، فإذا أرادَ الإنسانُ أنْ يَفتَحَ شَيئًا مِن تِلكَ الأبوابِ قال: وَيحَكَ، لا تَفتَحْه؛ فإنَّكَ إنْ تَفتَحْه تَلِجْه. فالصِّراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حُدودُ اللهِ، والأبوابُ المُفَتَّحةُ مَحارِمُ اللهِ، وذلك الدَّاعي على رأسِ الصِّراطِ كِتابُ اللهِ، والدَّاعي مِن فَوقِ الصِّراطِ واعِظُ اللهِ في قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ). [9]

وربما يلهم الله عز وجل مسلم لينفع أخاه، فيأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، أو ينصح له، أو يصلح بين الناس، فهذا مسلم ألهمه الله ليدلك به على الخير وينصحك، قال تعالى: ﴿وَجَاۤءَ رَجُلٌ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ﴾ [القصص: 20].

وإلهام بالفطرة يميز به الإنسان الحق من الباطل، وابصة بن معبد الأسدي قال: أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: (جِئتَ تسألُ عن البِرِّ؟) قُلتُ: نَعَمْ، فقال: (استَفتِ قلبَك، البِرُّ: ما اطمأَنَّتْ إليه النَّفسُ، واطمأَنَّ إليه القَلبُ، والإِثمُ ما حاكَ في النَّفسِ وتردَّد في الصَّدرِ، وإنْ أفتاكَ الناسُ وأفْتَوْكَ). [10] ولكن تنبه للفارق بين الفطرة وهي لا تخالف الشرع، وبين الهوى الذي يخالف الشرع، ويوافق شهوات النفس. قال صلى الله عليه وسلم: (حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وحُجِبَتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ). [11] أي أن اتباع الشهوات وأهواء النفس يؤدي للنار، وأن التزام المكاره يؤدي للجنة، وهي الالتزام بما أمر به الله عز وجل.

إلهام ببعض أمور الدنيا من علوم واختراعات، وهذه تقع لكل الناس. كما علم داود عليه السلام صناعة الدروع والزرد قال تعالى: ﴿وَعَلَّمۡنَـٰهُ صَنۡعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمۡ لِتُحۡصِنَكُم مِّنۢ بَأۡسِكُمۡۖ فَهَلۡ أَنتُمۡ شَـٰكِرُونَ﴾ [الأنبياء: 80]. وعلم نوح عليه السلام صناعة السفينة وحيا قال تعالى: ﴿فَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِ أَنِ ٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡیُنِنَا وَوَحۡیِنَا﴾ [المؤمنون: 27].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ــــ * ــــ * ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أنَّ مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ ليسَ بمُوسَى الخَضِرِ، فَقالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: (قَامَ مُوسَى خَطِيبًا في بَنِي إسْرَائِيلَ فقِيلَ له: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ قالَ: أنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عليه إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، وأَوْحَى إلَيْهِ: بَلَى عَبْدٌ مِن عِبَادِي بمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هو أعْلَمُ مِنْكَ، قالَ: أيْ رَبِّ، كيفَ السَّبِيلُ إلَيْهِ؟ قالَ: تَأْخُذُ حُوتًا في مِكْتَلٍ، فَحَيْثُما فقَدْتَ الحُوتَ فَاتَّبِعْهُ، قالَ: فَخَرَجَ مُوسَى ومعهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بنُ نُونٍ، ومعهُما الحُوتُ حتَّى انْتَهَيَا إلى الصَّخْرَةِ، فَنَزَلَا عِنْدَهَا، قالَ: فَوَضَعَ مُوسَى رَأْسَهُ فَنَامَ، – قالَ سُفْيَانُ: وفي حَديثِ غيرِ عَمْرٍو، قالَ: وفي أصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الحَيَاةُ لا يُصِيبُ مِن مَائِهَا شيءٌ إلَّا حَيِيَ، فأصَابَ الحُوتَ مِن مَاءِ تِلكَ العَيْنِ – قالَ: فَتَحَرَّكَ وانْسَلَّ مِنَ المِكْتَلِ، فَدَخَلَ البَحْرَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى قالَ لِفَتَاهُ: (آتِنَا غَدَاءَنَا) الآيَةَ، قالَ: ولَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حتَّى جَاوَزَ ما أُمِرَ به، قالَ له فَتَاهُ يُوشَعُ بنُ نُونٍ: (أَرَأَيْتَ إذْ أوَيْنَا إلى الصَّخْرَةِ فإنِّي نَسِيتُ الحُوتَ) الآيَةَ، قالَ: فَرَجَعَا يَقُصَّانِ في آثَارِهِمَا، فَوَجَدَا في البَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الحُوتِ، فَكانَ لِفَتَاهُ عَجَبًا، ولِلْحُوتِ سَرَبًا، قالَ: فَلَمَّا انْتَهَيَا إلى الصَّخْرَةِ، إذْ هُما برَجُلٍ مُسَجًّى بثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عليه مُوسَى، قالَ: وأنَّى بأَرْضِكَ السَّلَامُ، فَقالَ: أنَا مُوسَى، قالَ: مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: هلْ أتَّبِعُكَ علَى أنْ تُعَلِّمَنِي ممَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا؟ قالَ له الخَضِرُ: يا مُوسَى، إنَّكَ علَى عِلْمٍ مِن عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لا أعْلَمُهُ، وأَنَا علَى عِلْمٍ مِن عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لا تَعْلَمُهُ، قالَ: بَلْ أتَّبِعُكَ، قالَ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فلا تَسْأَلْنِي عن شيءٍ حتَّى أُحْدِثَ لكَ منه ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ علَى السَّاحِلِ فَمَرَّتْ بهِمْ سَفِينَةٌ فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمْ في سَفِينَتِهِمْ بغيرِ نَوْلٍ – يقولُ بغيرِ أجْرٍ – فَرَكِبَا السَّفِينَةَ، قالَ: ووَقَعَ عُصْفُورٌ علَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ في البَحْرِ، فَقالَ الخَضِرُ لِمُوسَى: ما عِلْمُكَ وعِلْمِي وعِلْمُ الخَلَائِقِ في عِلْمِ اللَّهِ إلَّا مِقْدَارُ ما غَمَسَ هذا العُصْفُورُ مِنْقَارَهُ، قالَ: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إذْ عَمَدَ الخَضِرُ إلى قَدُومٍ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقالَ له مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بغيرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إلى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أهْلَهَا (لقَدْ جِئْتَ) الآيَةَ، فَانْطَلَقَا إذَا هُما بغُلَامٍ يَلْعَبُ مع الغِلْمَانِ، فأخَذَ الخَضِرُ برَأْسِهِ فَقَطَعَهُ، قالَ له مُوسَى: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بغيرِ نَفْسٍ، لقَدْ جِئْتَ شيئًا نُكْرًا قالَ ألَمْ أقُلْ لكَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) إلى قَوْلِهِ (فَأَبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أنْ يَنْقَضَّ) – فَقالَ بيَدِهِ: هَكَذَا – فأقَامَهُ، فَقالَ له مُوسَى: إنَّا دَخَلْنَا هذِه القَرْيَةَ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا ولَمْ يُطْعِمُونَا، (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عليه أجْرًا، قالَ: هذا فِرَاقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عليه صَبْرًا)، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ودِدْنَا أنَّ مُوسَى صَبَرَ حتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِن أمْرِهِما قالَ: وكانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وكانَ أمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وأَمَّا الغُلَامُ فَكانَ كَافِرًا).
الراوي : أبي بن كعب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 4727 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

[2] قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فقِيلَ له: غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ، قالَ: (أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 4836 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

[3] عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالَى: (لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بهِ) [القيامة: 16] قالَ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وكانَ ممَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ – فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: فأنا أُحَرِّكُهُما لَكُمْ كما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحَرِّكُهُما، وقالَ سَعِيدٌ: أنا أُحَرِّكُهُما كما رَأَيْتُ ابْنَ عبَّاسٍ يُحَرِّكُهُما، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ – فأنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى: (لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به إنَّ عليْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ) [القيامة: 17] قالَ: جَمْعُهُ لكَ في صَدْرِكَ وتَقْرَأَهُ: (فَإذا قَرَأْناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) [القيامة: 18] قالَ: فاسْتَمِعْ له وأَنْصِتْ: (ثُمَّ إنَّ عليْنا بَيانَهُ) [القيامة: 19] ثُمَّ إنَّ عليْنا أنْ تَقْرَأَهُ، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ذلكَ إذا أتاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمع فإذا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما قَرَأَهُ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 5 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (448) باختلاف يسير

[4] كُنَّ أَزْوَاجُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عِنْدَهُ، لَمْ يُغَادِرْ منهنَّ وَاحِدَةً، فأقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي، ما تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِن مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ شيئًا، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بهَا، فَقالَ: (مَرْحَبًا بابْنَتي) ثُمَّ أَجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أَوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن بَيْنِ نِسَائِهِ بالسِّرَارِ، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ؟ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، سَأَلْتُهَا ما قالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ قالَتْ: ما كُنْتُ أُفْشِي علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سِرَّهُ، قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قُلتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ، بما لي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَما حَدَّثْتِنِي ما قالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: أَمَّا الآنَ، فَنَعَمْ، أَمَّا حِينَ سَارَّنِي في المَرَّةِ الأُولَى، فأخْبَرَنِي (أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، وإنَّه عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فإنَّه نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ) قالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الذي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقالَ: (يا فَاطِمَةُ أَما تَرْضِيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ) قالَتْ: فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الذي رَأَيْتِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 2450 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (3623) مختصراً، ومسلم (2450).

[5] قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 6 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (6) واللفظ له، ومسلم (2308)

[6] (إنَّ العبدَ إذا أخطأ خطيئةً نُكِت في قلبِه نُكتةٌ فإنْ هو نزَع واستغفَر وتاب صُقِلت فإنْ عاد زِيدَ فيها وإنْ عاد زِيدَ فيها حتَّى تعلوَ فيه فهو الرَّانُ الَّذي ذكَر اللهُ جلَّ وعلا: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم : 2787 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

[7] (أُوصيك بتقوى اللهِ ، فإنها زَينٌ لأمرِك كلِّه). قلتُ: يا رسولَ اللهِ! زِدْني. قال: (عليك بتلاوة القرآنِ ، وذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ ؛ فإنه ذِكرٌ لك في السماءِ ، ونورٌ لك في الأرضِ). قلتُ: يا رسولَ اللهِ! زِدْني. قال: (وإياك وكثرةَ الضَّحِكِ ، فإنه يميتُ القلبَ ، ويذهبُ بنور الوجهِ). قلتُ: زِدْني، قال: (قُلِ الحقَّ وإن كان مُرًّا). قلتُ: زِدْني. قال: (لا تَخَفْ في اللهِ لومةَ لائمٍ).
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم : 2868 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره

[8] (إنَّ للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ وللملَك لمَّةً فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ فإيعادٌ بالشَّرِّ وتَكذيبٌ بالحقِّ وأمَّا لمَّةُ الملَك فإيعادٌ بالخيرِ وتصديقٌ بالحقِّ فمن وجدَ ذلِك فليعلم أنَّهُ منَ اللهِ فليحمدِ اللَّهَ ومن وجدَ الأخرى فليتعوَّذ باللَّهِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ) ثمَّ قرأ (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) الآيةَ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم : 2988 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (11051)، وأبو يعلى (4999)، وابن حبان (997) باختلاف يسير

[9] (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِراطًا مُستَقيمًا، وعلى جَنبَتَيِ الصِّراطِ سُورانِ فيهما أبوابٌ مُفَتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتورٌ مُرخاةٌ، وعلى بابِ الصِّراطِ داعٍ يَقولُ: يا أيُّها الناسُ، ادخُلوا الصِّراطَ جَميعًا ولا تَعوجوا، وداعٍ يَدعو مِن فَوقِ الصِّراطِ، فإذا أرادَ الإنسانُ أنْ يَفتَحَ شَيئًا مِن تِلكَ الأبوابِ قال: وَيحَكَ، لا تَفتَحْه؛ فإنَّكَ إنْ تَفتَحْه تَلِجْه. فالصِّراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حُدودُ اللهِ، والأبوابُ المُفَتَّحةُ مَحارِمُ اللهِ، وذلك الدَّاعي على رأسِ الصِّراطِ كِتابُ اللهِ، والدَّاعي مِن فَوقِ الصِّراطِ واعِظُ اللهِ في قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ).
الراوي : النواس بن سمعان الأنصاري | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير الصفحة أو الرقم : 1/66 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته] التخريج : أخرجه الترمذي (2859)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11233)، وأحمد (17634)

[10] أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: (جِئتَ تسألُ عن البِرِّ؟) قُلتُ: نَعَمْ، فقال: (استَفتِ قلبَك، البِرُّ: ما اطمأَنَّتْ إليه النَّفسُ، واطمأَنَّ إليه القَلبُ، والإِثمُ ما حاكَ في النَّفسِ وتردَّد في الصَّدرِ، وإنْ أفتاكَ الناسُ وأفْتَوْكَ).
الراوي : وابصة بن معبد الأسدي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج رياض الصالحين الصفحة أو الرقم : 591 | خلاصة حكم المحدث : في إسناده أيوب بن عبد الله بن مكرز وهو مجهول؛ لكن في الباب عن أبي ثعلبة بسند صحيح فيتقوى به التخريج : أخرجه أحمد (17999)، والدارمي (2533) باختلاف يسير، وأبو يعلى (1586) مطولاً

[11] (حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وحُجِبَتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ).
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 6487 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (6487)، ومسلم (2823

تقنين جلسات العلاج الفردية والجماعية ومخاطر جلسات العلاج المختلطة

تقنين جلسات العلاج الفردية والجماعية

ومخاطر جلسات العلاج المختلطة

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

في بحث لي بعنوان (أهمية عقد جلسات العلاج) أكدت على أهمية عقد جلسات العلاج للمريض بحضور معالج متخصص، له من العلم والخبرة في التعامل مع السحر والسحرة، وعلى دراية واسعة بألاعيب الجن والشياطين وحيلهم التي لا تنتهي، فضلا عن أنه مطلع بسعة خبرته على الكثير من أسرار عالم الجن وخباياهم، فلديه من العلم ما يؤهله للتعامل مع عالم موازي لنا، وبدون تلك الجسات العلاجية لا يكون علاج. وجدير بالذكر أن الراقي وهو من يقوم بالدعاء وترديد الآيات القرآنية، لا يصلح أن يقوم بدور المعالج، ولا أن يحل محله، لوجود فارق جوهري بين المعالج كما بيناه، وبين الراقي وهو مجرد داعي يدعو بما يحفظه من الأدعية، وتلاوة بعض الآيات القرآنية، فدور الراقي يستطيع أي إنسان غير مؤهل أن يقوم به، فليس لديه من العلم ما يتميز به، ويؤهله ليقوم بدور المعالج. وفي الواقع أن الغالبية العظمى ممن يزاولون العلاج هم مجرد رقاة، وغير مؤهلين ليكونوا معالجين، بدليل أن ليس لديهم أية أبحاث علمية تبين وتوضح مدى ما وصلوا إليه من علم يؤهلهم للقيام بهذا الدور، وعجزهم عن تقديم ردود علمية تسد مساحة الجهل الشاسعة بالطب الروحي، وعالم الجن، فردودهم تفتقر للعلم والحجة، وتزيد الجهل حين تخلطه بالجهالات والضلالات وما أكثرها.

وقد فاقت كثرة الرقاة الحد، حتى صارت الرقية مهنة من لا مهنة له، وموردا لكل عاطل يبحث عن لقمة عيشه، حتى أتخموا من وفرة ما يحصلون عليه من أموال طائلة، من وجهة نظرهم حصلوا عليها بطريق مشروع، رغم عجزهم عن الوصول بأغلب المرضى إلى حد الشفاء التام، وإن قلت لأحدهم: لقد رقيت فلانا ولم شفي المريض، فيلجمك بقوله: أنا رقيت، والله لم يقدر الشفاء، أو يفسر لك استمرار علته بأن السحر متجدد، وكأن السحرة تفرغوا للتجديد لهذا المسحور. أو أن القرين متمرد، رغم أن المريض ملتزم بالأذكار. وقد يتمادى في نشر الجهالات فيدعي أن المريض مصاب بسحر سفلي. فلدى كل مدعي علم قائمة من الأعذار والتبريرات لا حصر لها، ولا أول لها من آخر، ليستحل ما دخل جيبه من مال بغير وجه حق.

متابعة قراءة “تقنين جلسات العلاج الفردية والجماعية ومخاطر جلسات العلاج المختلطة”

تحذير من بسكويت أوريو OREO

بسم الله الرحمن الرحيم

حصري: تحذير بسكويت أوريو oreo

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

انتشر في الأسواق بسكويت أوريو OREO فهو مغلف بشكل جذاب، وشهي، ولذيذ، وسعره في متناول الجميع، وظهر هذا المنتج لأول مرة في 14 مارس 1912 في الولايات المتحدة، وتعرف الشركة المنتجة اليوم باسم نابيسكو Nabisco المتفرعة من شركة Mondelēz International.

يجب أن ندقق في النقوش التي على قطع البسكويت لنكتشف أنها مرشومة بالصليب، هذا فضلا عن أن اسم هذا المنتج OREO مجهول المعنى حتى الآن، ومن باب الأمانة العلمية؛ فلم أعثر على أي تصريح رسمي معتمد من قبل الشركة يبين دلالة اسم هذا المنتج، وإخفاء معنى الإسم هو مما يثير الشبهات حول حقيقة دلالته السرية والمكتومة، فلا يوجد شركة عالمية بهذا الحجم تطلق اسما على منتجها دون أن يكون له دلالته ومعناه.

وأقترح أن الاسم يتكون من أربع حروف بداية لكل كلمة O.R.E.O فقد يكون اختصارا لاسم منظمة تبشيرية دينية Religious Evangelism Organization ربما كانت هذه المنظمة وراء تمويل هذا المنتج، كوسيلة تبشيرية لنشر العقيدة الصليبية، من خلال منتج جذاب ومحبب خاصة للأطفال، الذين يتعلقون بمثل تلك المنتجات ولا يعون ما وراءها من أهداف خفية، ولا مانع مطلقا من أن تكون هذه الرموز الصليبية هي وسيلة من وسائل نشر السحر التنصيري بين الناس.

متابعة قراءة “تحذير من بسكويت أوريو OREO”

دك الحصون

دك الحصون

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

Ancient wall.

سيتم قريبا بمشيئة الله تعالى نشر البحث تباعا على هيئة مشاركات في منتدى آخر الزمان

يمكنكم متابعة البحث أولا بأول على الرابط أدناه

http://ezzman.com/vb/t2444/#post16988

ومن أراد التعليق أو الاستفسار والحوار فيمكنه مناقشة البحث على المنتدى من خلال الرابط التالي

مناقشة: “دك الحصون”

(الزغرودة) تسبيحة للشيطان أو الإله (ياهو)

(الزغرودة) تسبيحة للشيطان أو الإله (ياهو)

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

ويتنوع أداء الزغرودة وأسلوبها بين الدول بعضها البعض. فهي موجودة في الدول العربية والأوربية والأمريكية، وبأشكال وأساليب مختلفة. وهذه الزغاريد تردد في مصر، وفى فلسطين أيضا تعبرًا عن الفرح، وقد بدأت كتسبيحة تقال عند ذكر اسم (يهوه Jah-Jahovh). وأصل هذه الزغرودة هللويا _ جاه (Hallelu-Jah) وقد حرفها الإغريق، فأصبحت بلا معنى عندما صارت (اللويا Alleluia)، وقد أصبحت كلمة مقدسة بالاستعمال، ثم تطورت أخيرًا إلى الصوت المعروف (لو لو لو Lu-Lu-Lu).()

إصنعي بنفسك بادئ عجينتك المخمرة، والإسفنجية، والخبز!

إصنعي بنفسك بادئ عجينتك المخمرة، والإسفنجية، والخبز!

الكاتبة: أليس أوبسورن Alice Osborne

ترجمة وتعليق: بهاء الدين شلبي.

bread1لقد تذوقت خميرة الخبز البرية، فإذا لها نكهة أكثر تعقيدا مقارنة بالخبز المخمر بخميرة تجارية. هذا لأنه عندما تترك الطحين والماء لعدة أيام، فإن الخميرة والطحين يتغذيان في الهواء على السكريات الصادرة من الأنزيمات في العجين. تلك الخمائر الطبيعية تكون نكهة حمضية في شكل أحماض اللاكتيك والخليك.

ومنذ تذوقتها للوهلة الأولى، الذي جعلني أصنع خبزي المخمر بريا _ خبزي ذو العجينة المخمرة. ولكن لعمل ذلك كنت بحاجة لمعرفة كيفية عمل بادئ عجينتي المخمرة.

starterالبادئ هو عبارة عن خميرة تتكون من عجينة مائعة من الطحين والماء وبواسطتها يعاد إنتاج الخميرة باستمرار، لتساعد جنبا إلى جنب مع تغذية إسبوعية منتظمة بمزيد من الماء والطحين. حيث تستهلك الخميرة في البادئ تلك المواد الغذائية الطازجة مما يساعد على هضم السكريات في الدقيق، إلا أنها لا تظل على قيد الحياة والحركة فحسب، ولكنها تتكاثر، وتطرد ثاني أوكسيد الكربون، مسببة فقاعات صغير في البادئ. تتفاعل بنجاح هذا إلى جانب الخميرة وهي بكتيريا حمض اللاكتيك غير الضارة، اللبنية، والتي تعطي العجين المخمر نكهة منعشة.

ولذلك فعند مزج قليلا من هذا البادئ مع الدقيق والماء لإنتاج العجين، تصبح الخميرة داخل البادئ أكثر نشاطا. هذا النشاط المتزايد يساعد العجين على الارتفاع بسبب انتاج الاحتياج اللازم من ثاني أوكسيد الكربون، وهو الذي يعطي الخبز خفته، والملمس الهوائي. ثم يتشكل العجين، ليزيد ويرتفع من جديد، ويخبز.

متابعة قراءة “إصنعي بنفسك بادئ عجينتك المخمرة، والإسفنجية، والخبز!”

رقية أسر الأسحار

رقية أسر الأسحار

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

في كثير من الأحيان يقابل المعالج كم غزير وكثيف جدا من الأسحار، منتشرة في جميع أنحاء الجسد، بغرض السيطرة عليه والتحكم فيه. ويزيد من خطورة هذه الأسحار مع غزارتها أن تكون (أسحارا مخفية)، فيكون عليها [أسحار إخفاء]، وهذا يسهم بشكل كبير في زيادة الكثافة العددية للأسحار، وبالتالي يستغرق التعامل مع تلك الأسحار زمنا طويلا حتى نتخلص منها، وهذا قد لا يخدم المعالج، ويزيد من الأعباء على المريض. وكان من الضروري تصنيف رقية جديدة تتناسب مع مثل تلك الحالات الغير نادرة، خاصة في أسحار (سحرة المغرب)، والتي تتسم بالضعف والغزارة العددية.

وصيغة الرقية كالتالي:

(اللهم جمع الأسحار من كل أنحاء الجسد، وأْسِرها جميعا، وشبكها في شبكة واحدة، ما ظهر منها وما خفي، ما علمنا منها وما لم نعلم، وما أنت به أعلم إنك أنت علام الغيوب، وإنك أنت اللطيف الخبير، بلا إله إلا الله الأحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر)

نقوم بتكرار الرقية أكبر عدد ممكن من المرات يتكافئ وكم الأسحار المتوقع تواجدها داخل الجسد، حتى يتم جمع أكبر عدد ممكن من الأسحار، وأسرها، وتشبيكها معا في شبكة واحدة.

وبعد تكرار الرقية كثيرا، يأتي الوقت لسحب ما تم أسره وتشبيكه من الأسحار إلى خارج الجسد، فنرقي كالتالي:

(اللهم اسحب الشبكة إلى خارج الجسد، بما فيها من الأسحار، وانسفها نسفا، فلا تبقي منها ولا تذر، بلا إله إلا الله الأحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر) تكرر وترا ثلاث مرات.

ثم تلاوة قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا) [طه: 105؛ 107] تكرر وترا ثلاث مرات.

نقوم بتكرار جميع الخطوات السابقة عدة مرات، حتى نتخلص من أكبر كم ممكن من الأسحار التي تعطل العلاج، والداعمة للسحر الرئيسي في الجسد، وبهذا نختصر الوقت والجهد، وحتى لا تطول فترة العلاج.

رقية العزل

رقية العزل

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

الغرض من العزل هو إحداث فصل بين الشيء المعزول، وشيء آخر معزول عنه، فلا يصل أحدهما إلى الآخر. فقد أعزل المريض عن مريض آخر بينهما سحر ربط، فيسمى الأول [المعزول]، والشخص الآخر يسمى [المعزول عنه]، أو أعزل جزء من جسم الإنسان عن سائر جسده، فلا ينفتح الجسد على بعضه البعض، ويتم حصار الشيطان في الموضع المعزول لا يستطيع الخروج منه، كفصل رأس المريض عن جسده، هذا إن كان داخل الرأس شيطان مثلا، وقد أعزل منزل المريض عن منزل آخر مسحور له فيه.

والفارق بين العزل والتحصين، أنه في حالة التحصين لا يتم الفصل بين الشيطان والشيء المحصن، ولكن يكتسب المحصن مناعة ضد الاختراق، فيراه الشيطان لكن لا يستطيع اختراقه لوجود حجاب حاجز بينهما، أما في حالة العزل فيتم الفصل بينهما تماما فلا يصل إليه المعزول عنه، ولا يراه نهائيا. وهذا يفيد في مواجهة أسحار التجسس والتصنت، ومنع نل أخبار المريض إلى الساحر، سواء كان ساحر جني أو إنسي.

يجب أن يتم العزل بعد رقية تحصينات البيت والحمام، فالتحصينات أولا ثم العزل، وكذلك في حالة عمل جلسة علاج نحصن الغرفة أولا ثم نعزل بعد ذلك. وفي بعض الحالات يأتي مدد سحري من الحمامات، فيتم عزلها كذلك عن البيت تماما، وهذا لصد أي مدد يحاول اختراق البيت.

في حالة انعقاد جلسة علاجية وتواجد عدة أشخاص كمحرم، أو عدة مصابين بينهم أسحار ربط، فيتم عزل كل واحد منهم عن الآخرين بنفس الطريقة السابقة. كذلك يمكن عزل شخص أو اشخاص غير متواجدين في الجلسة، ولكن مشكوك أنهم سحرة، أو أن بينهم وبين المريض سحر ربط، فيتم العزل حتى تنجح الجلسات العلاجية، فلا يصل إليه أي مدد خارج يعطل الجلسات.

لا يوجد تحصين أو عزل كامل 100%، بل كل تحصين أو عزل مهما كان قويا منيعا يمكن اختراقه وبمنتهى السهولة، وفي زمن قياسي، فقد يحدث أمر عارض يخرق التحصين او العزل، كسماع موسيقى مثلا، أو حدوث اتصال هاتفي، أو ارتكاب معصية، فكل المعاصي تضعف التحصين، وإضعافه يسهل على سحرة الجن، فيمكنهم اختراقه، لذلك يلزم تجديد التحصين والعزل ما أمكن هذا.

وطريقة العزل كالتالي:

_ تلاوة آية الكرسي على المعزول 6 مرات .. بالنبية يمينا ويسارا .. وأماما وخلفا .. وأعلى وأسفل منه.

_ ثم تلاوة 6 مرات بالنبية يمينا ويسارا .. وأماما وخلفا .. وأعلى وأسفل منه كلا من:

قوله تعالى: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد: 13]

قوله تعالى: (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ * وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ) [سبأ: 53، 54]

قوله تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) [الشعراء: 210؛ 212]

قوله تعالى: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) [مريم: 48]

_ ثم تكرار نفس الرقية السابقة على المعزول عنه.

ثم بعد هذا تلاوة 3 مرات

قوله تعالى: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد: 13] 3 مرات بينك وبين المعزول عنه

 

تم بحمد الله تعالى

حصري: علم الملكين هاروت وماروت والدجال

799797005

حصري: علم الملكين هاروت وماروت والدجال

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

تابع البحث على منتدى آخر الزمان

vbulletin3_logo_white

ادخل الرابط أدناه

http://ezzman.com/vb/t822/#post3603